في مساء الثلاثاء التاسع من يناير الماضي سُمِع دويُّ إطلاقُ نار في مدينة نابلس بفلسطين، كان الدَّويُّ عنوان ملحمة رهيبة سطَّرتها بنادق خلية قسامية، كَتبَتْ نهايةَ حياة حاخامٍ صهيونيٍ مجرم معَربِد.
انسحب الأبطالُ وعمَّت الصدمة والحزن الكيان الصهيون من رأس الموساد إلى أخمص أقدام الشاباك، عدى عن الجيش والحكومة الإسرائيلية التي فغرت فاها قائلة: مالذي جرى!؟!
كان المقاتل القسامي أحمد نصر جرار على رأس الخلية المطلوبة، وفي ليلة 18 يناير عاشت الضفة ليلة مشهودة، ارتبكت فيها المصادر والمواقع الفلسطينية، حيث اقتحمت كتيبة عسكرية فيها أكثر من 120 آلية ومدرعة صهيونية مدينة جنين من أجل اعتقال أو اغتيال أحمد نصر جرار الذي لا يتجاوز عمره 22 عامًا، وفشلت في ذلك بعد اشتباكات استمرت لساعات، تم فيها تدمير منزلين، واستشهاد أحد المقاومين، وتلقت إسرائيل في نهايتها صفعة مكعبة، مفعمة بالمرارة.فقد جُرِحَ جنودها، وَ مُرِّغَ وجهها في التراب..وانسحب البطل بسلام.
بعد أن كُتِبَ في رثائه الأشعار، وبَكَاهُ أهله ومقربوه، وتم نعيه من أكثر من جهة، حتى من قبل حركة حماس نفسها، قبل أن ينقشع غبار المعركة عن بطل مُبْهِر.
بعدها خرج وزير الحرب الاسرائيلي أفيغدور ليبرمان قائلا: إن أحمد جرار يعيش في الوقت بدل الضائع وسنصفي حسابنا معه..!
استوقفني هذا التصريح كثيرا فمن يعرف الضفة وواقعها، وقدرة الصهاينة في تعقب اعدائهم، وخبرتهم في اغتيالهم، يدرك فعلا أن أحمد جرار يعيش العد التنازلي نحو أجله المحتوم، فالعدو المتربص به من أمامه والتنسيق الامني من خلفه، والحواجز عن يمينه وشماله، فماذا بقي له يستره سوى حفظ الله ورعايته؟!
وفي مساء الأمس السبت أيضا تكررت المواجهة من جديد في جنين، ومُنِيَّ الاحتلال بالخيبة والفشل ومنَّ الله بحفظه على أحمد ورفاقه.
لا قوة إسرائيل الأمنية ولا أجهزتها المتطورة ولا صواريخها الفتاكة تستطيع أن تقتل انسانا قبل أجله، أو تصيب هدفا لم يكن قد كتب الله في الأزل أنها ستصيبه.
حفظ الله البطل المغوار أحمد جرار، وأعمى عنه العيون، ونصره على عدوه.
وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال: ( وَاعْلَمْ أَنَّ الأُمَّةَ لَوْ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ ، وَلَوْ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ ، رُفِعَتِ الأَقْلَامُ وَجَفَّتْ الصُّحُف).
