نماذج نسائية قرآنية
=====================
إن من منهج القرآن الكريم ضرب الأمثلة في مختلف المجالات و متنوع الدلالات و ذلك من رحمة الله تعالى بعباده و كمال إحسانه في بيانه لهم و قد قال في ذلك جل قوله : { ولقد صرفنا في هذا القرآن للناس من كل مثل }
و لقد كان للنساء أمثلتهن وقصصهن في كتاب الله تعالى و إليكن أخوات المؤمنات نماذج أربعة من النساء تمثل اثنتين منهن القدوة الصالحة للمؤمنات الصالحات و في المقابل تمثل الأخريين الامامة في الباطل للنساء الكافرات قال تعالى :
{ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ ۖ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ }
مع النموذجين الأولين :
إن من الحقائق الكبرى التي كثر في القرآن الاعتناء بها و الاستفاضة في تقريرها أن الأنسان لا ينجو إلا بعمله و لا يخسر إلا بعمله فلا ينفعه صلاح الاقربين مهما كانوا و لقد قص الله في كتابه نماذج كثيرة لهذه الحقيقة من لدن أبي ابراهيم و ابن نوح و عم محمد صلوات الله و سلامه عليهم أجمعين
ولقد كان نبينا الكريم صلوات الله و سلامه عليه مناديا بهذه الحقيقة { يا فاطمة بنت محمد أنقذي نفسك من النار فإني لا أملك لك من الله شيئا } وله في ذلك كلمته الجامعة (من أبطأ به عمله لم يسرع به نسبه)
و هذا ما يقرره القرآن هنا فهاتان المرأتان رغم القرب الشديد من عبدين صالحين و نبيين كريمين حاق بهما سوء عملهما فما أغنى عنهما نوح ولا لوط من الله شيئا حين اختارتا طريق الباطل و نصرة المبطلين و رغبتا عن طريق الحق و نصرة المرسلين و كان لهما العذاب المخزي و المصير المهين (و قيل ادخلا النار مع الداخلين )
ومما يجدر التنبيه إليه أن خيانة المرأتين هنا كانت خيانة للدين و نكوصا عن القيام بنصرة المرسلين و انحيازا لصف الكافرين .
فحري بالمرأة المؤمنة أن يكون لها الموقف الفاصل من الباطل و أهله و أن تعلم مدى استغلال المبطلين للمرأة و اعتمادهم عليها في ترويج السوء و الفحشاء و يبدوا أن هذا الاستغلال السيئ للنساء في بعض الاحيان يطال نساء من بنات وزوجات المصلحين فيضاعف البلاء على المصلحين .
و في هذين المثلين درس بليغ لنساء المصلحين و تنبيه لهن على الامل المنوط بهن و الدور المرجو منهن من إعانتهن لأزواجهن على الخير و من أعظم ذلك أن لا يغرقن أزواجهن في مطالب الحياة لأن لهم رسالتهم التي لا تسمح لهم أن ينعموا كما ينعم أهل الدنيا و ذلك ما صارح به القرآن نساء النبي صلى الله عليه وسلم القدوة الأول للمصلحين في كل زمان و مكان .
{ يا أيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحا جميلا ( 28 ) وإن كنتن تردن الله ورسوله والدار الآخرة فإن الله أعد للمحسنات منكن أجرا عظيما . }
إرشيف