تعاني القيم دائما من التناقض في أذهان الكثيرين كما عانت الأدلة من ظواهر التعارض لدى المتعلمين وشأن الراسخين بعد النظر وتحويل التعارض القيمي إلى تكامل يحقق العدل، ويظهر التنوع ويستثمر الخصائص ويوظف الاهتمامات، ورد تعارض النصوص إلى توافق يمنع من الشطط ويضبط الخيار الوسط. ودين الله دين كامل خاصيته الأولى الانسجام بين الفطرة والشرع ومراعاة الوئام بين بقاء وضبط الغريزة ونقاء وسمو الفضيلة والجمع بين حسنة الدنيا والآخرة..
وهو بذالك يمثل الميزان الفسط الذي الذي بعث الله به رسله وانزل به كتبه ليقوم الناس بالقسط
ويعصم اتباعه من انفصام نكد بين ثنائيات كثيرة يتشبث المفرطون اوالمغالون دائما بأحد طرفيها إضعافا أو إلغاء للآخر
وما قضية مايسميها البعض المحاصصة ويسميها الآخر المراعاة إلا مظهرا من مظاهر ذالك
والحق أن النصوص الشرعية من كتاب الله وسنة رسوله صلى ألله عليه وسلم وعمل المهديين من خلفائه راعت الكفاءة ووظفت الخصوصية دون تعارض ولا تناقض وإن
جلب النصوص في هذا او ذاك لن يعوز أحد الطرفين فتولية الحفيظ العليم واستئجار القوي الأمين منصوصة في الكتاب
العزيز وخطر المحاباة في التولية على غير المعايير الشرعية معلوم من سنة النبي صلى ألله عليه وسلم
ولكن لا يعني إثبات مبدئية ذالك إغفال مراعاة أحوال الناس وسياستهم بالارفق وتوظيف غرائزهم في سبيل إعزاز الحق
وإبطال الباطل
وقدراعى النبي صلى ألله عليه وسلم ذالك فحين عزل سعد ابن عبادة رضي الله عنه يوم الفتح حين بلغه عنه ما بلغة
اعطى الراية قيسا ولم يذهب بها بعيدا وحين أراد تجهيز جيش مؤتة ولى أسامة ليكون طلب الثأر لابيه زيد موظفا في مكانه الصحيح كما فهمه كثير من العلماء
والمتتبع للسيرة النبوية يجد روح التنافس السائدة بين الاوس والخزرج والتي كان النبي صلى ألله عليه وسلم يوظفها لمصلحة الإسلام ويضبطها بضولبطه ويوجهها في
إطار مقاصده العامة
والتعويل في هذا كله بعد الله على التربية الجادة أوقات الرخاء دون إلغاء السياسة الراشدة والواقعية
المنضبطة أوقات المغنم والمغرم
والبعد عن الحكم على النيات والتسور على شان السرائر
فلذالك وقته ويومه وحكمه العدل جل وعلا العليم بذات الصدور
فاربعوا على أنفسكم إخوتنا الأكارم واحسنوا التقدير والتدبير
ووظفوا مقصد تكامل القيم والعرائز والجمع بين إطلاق النصوص وخصوص التطبيق
هدانا الله جميعا لما اختلف فيه من الحق بإذنه إنه يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم