فقه الحج (( الحلقة الثانية ))
الطواف
من اعظم أعمال الحج الطواف بالبيت الذي عظم الله شانه وجعل به قيام الدين وربط به المسلم كلما اراد ان يقف بين يدي ربه وجعله مثابة للناس وقد اعظم الله بركاته وآياته تهوى إليه افئدة المؤمنين وتشتاق إليه قلوب المحبين وفيه قال الله تعالى ؛
(( إن اول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا وهدى للعالمين فيه آيات بينات مقام إبراهيم ومن دخله كان آمنا ))
(( جعل الله الكغبة البيت الحرام قياما للناس ))
(( وإذ جعلنا البيت مثابة للناس وامنا ))
والطواف يمثل هيام المسلم وحبه لهذا البيت الذي شرفه الله
بإضافته إليه ويجسد الافتقار والاضطرار إلى رب هذا البيت الذي اطعم من جوع وآمن من خوف وهدى من ضلال وعافى من اعتلال ومناسبة عظمى للهج بالتحميد والتمجيد والشكر والاعتراف
وليس في الارض بيت اولى بذالك وزيادة منه وكم قصد الناس بيوت ملوكهم لاغراص شتى إظهارا للولاء او تعرضا للعطاء اواعتذارا من إساءة ولله الملك الحق المثل الاعلى
والطواف في الحج ثلاثة ؛
أ _طواف القدوم وهو اول مايعمله الحاج عند دخول مكة وفي حديث عائشة ؛
(( إن اول شيء بدا به النبي صلى عليه وسلم حين قدم انه توضا ثم طاف بالبيت )) متفق عليه
وطواف القدوم واجب عند مالك يلزم بتركه الدم ويسقط عن الحائض ومن خاف فوات عرفة لضيق الوقت
وعند جمهور الفقهاء مستحب وقالوا هو تحية كتحية المسجد
ب _طواف الإفاضة وهو المقصود.عند اهل العلم بقول الله تعالى ؛
(( وليطوفوا بالبيت العتيق ))
وهو ركن من اركان الحج باتفاق لا يجبر بالدم ووقته الافضل ان يكون يوم النحر ولكن الفقهاء متفقون على ان وقته مفتوح لا آخر له واختلفوا متى يلزم الدم بتاخيره الدم هل بانتهاء ذي الحجة او بالسفر قبله فلاحرج في تاخيره لايام التشريق او بعدها للضعفة
ج _ طواف الوداع وهو مندوب عند مالك واجب عند الجمهور وقولهم ارجح لقول النبي صلى الله عليه وسلم
(( لا ينفرن احدكم حتى يكون آخر عهده بالبيت ))
شروط.الطواف
_ ان يكون سبعة اشواط تامة لفعل النبي صلى الله عليه وسلم ويتاكد الحرص على البدء من الحجر وعدم الانتهاء قبله في كل شوط وعدم الطواف على اساس الكعبة لانه منها
ويخطئ في ذالك كثير من الحجاج الذين يصعدون عليه طلبا لالتماس الحجر
_ الطهارة عند جمهور العلماء لحديث عائشة المتقدم وغيره
_ ستر العور وفيما عهد به النبي صلى الله عليه وسلم حين بعثه لابي بكر ان ينادي في الناس
(( وان لا يطوف بالبيت عريان ))
_ ان يكون البيت عن يساره ويتعذر خلاف ذالك اليوم
سنن الطواف
_ استلام الحجر اوتقبيله باليد اوغيرها وهو متعذر في الغالب ولا ينبغي الزحام عليه لما فيه من اذى ويكتفي بالإشارة ويستحب كذالك استلام الركن اليماني وهو الذي قبل ركن الحجر
_ الرمل في طواف القدوم خاصة وهو الإسراع في الثلاثة الاول وفي حديث ابن عمر
(( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا طاف الطواف الاول خب ثلاثا ومشى اربعا وكان يسعى ببطن المسيل إذاطاف بين الصفا والمروة )) متفق عليه
_ الاضطباع كذالك وهووكشف كتفه اليمنى وجعل الرداء تحت إبطه ورد طرفيه على كتفه اليسرى وفي حديث ابن عباس
(( اضطبع النبي صلى الله عليه وسلم هو واصحابه ورملوا ثلاثة اشواط ومشوا اربعا ))رواه ابو داوود والترمذي وابن ماجه باسانيد صحيحة
_ كثرة الدعاء والذكر وكان النبي صلى الله عليه وسلم بين الركنين بالدعاء الجامع (( ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة خسنة وقنا عذاب النار ))
وينبغي للحاج تجنب وقت وموضع الزخام حتى لا يشغل اويغفل عن حضور القلب والإحسان في العمل
ومن تمام الطواف ركعتاه وهما واجبتان بعد الطواف الواجب عندمالك لقول الله تعالى ؛
(( واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى ))
(( ولفعل النبي صلى الله عليه وسلم ))
وقال باستحبابهما جمهور الفقهاء ويستحب ان تكونا خلف المقام ويقرا فيهما بالكافرون والإخلاص
وان تكونا بعد الطواف مباشرة
وإذا نسيهما صلاهما في اي مكان وقد صلاهما عمر رضي الله عنه بذي طوى
واختلف في صلاتهما وقت النهي عن النافلة
وبعدهما يذهب لزمزم ويشرب منه ثم يذهب للسعي
مشهد رهيب
قال الله تعالى؛ (( هُنَالِكَ تَبْلُو كُلُّ نَفْسٍ مَا أَسْلَفَتْ وَرُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ )) عند المولى الحق لا يغني إلا الحق . اللهم سلم سلم.