تابعونا على :

‏مشايخ ودعاة ‏

المظالم تاريخا وحاضرا.. رؤية اسلامية فى حلها / العلامة سيدي محمد محمد المختار

اثنين, 01/14/2019 - 16:31

المظالم تاريخا وحاضرا  .. رؤية اسلامية فى حلها || العلامة سيدي محمد محمد المختار
مرّت بلادنا في عصورها الأخيرة بمراحل تاريخية بالغة الحساسية ، شديدة المفصليّة،  لعلّ أهمّها : (١ - فترة السيبة ) - (٢ - مرحلة الاستعمار)  - (٣ - عهد الدولة الوطنية) .
وضعت كلّ مرحلة من هذه المراحل بصماتها الواضحة على حياة الساكنة، وصبغتها بصبغتها. ولعلّ التظالم بين مكوّنات المجتمع ظلّ القاسم المشترك بين تلك المراحل،  وإن بنِسَبٍ متفاوتة بينها ،  وإن بتفاوت كذلك في درجات الظلم الممارس على فئات المجتمع، ومكوّناته، فعلى بعضها وقع النصيب الأوفر.

واليوم تحتاج بلادنا أكثر من أيّ وقت مضى أن تقف وقفة اعتبار، وأن تستنفر الطاقات الخيّرة والنيات الصادقة ؛ لتتجاوز مشكل التظالم، وتصطلح مع نفسها برأب الصدع وجبر الكسر و تضميد الجراح قبل أن يستولي الوهن المناعي على جسم الأمّة؛ فتصبح - لا قدّر الله - مسرحا لفيروسات الهدم ،و مسبحا لميكروبات الإمراض.

وبما أنّ مجتمعنا مجتمع مسلم فإنّ وصفة الإسلام الطبّية هي أعظم وسيلة علاج، وأضمن طريقة شفاء ، وآمنها. 
وسيحاول صاحب التدوينة أن يوضّح ملامح وصفة الإسلام هذه. 
إنّ الإسلام لا يقرّ الظلم ؛ فالظلم ظلمات يوم القيامة، وممارسه ملعون " ألا لعنة الله على الظلمين "
والمظالم في الإسلام لها ماض وحاضر وآثار .

وللإسلام وصفة لكلّ منها :
١ - الماضي المنقطع 
الظاهر إنّ الإسلام يحمّل كلّ جيل وزره من المظالم، ولا يأخذ بالتبعات إلا مرتكبي المظلمة دون غيرهم من الأجيال اللاحقة التي لم ترتكبها ولم ترض  بها، والقانون المرفوع هنا هو قانون : " تلك أمّة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسألون عمّا كانوا يعملون " و " لا تزر وازرة وزر أخرى "
من وحّد العرْب حتى صار واترهم  # إذا رآى ولد الموتور آخاه .

٢ - الحاضر 
من المؤكّد أنّ الإسلام يسعى إلى رفع المظالم الحاضرة وإزالتها بالكلّية، وفي معناها المظالم الماضية الباقية؛  فلا يرضى عن بقاء شيء من ذلك، ويعطى سلطانا وحجّة لولي المظلوم، وبالأحرى المظلوم ما التزم العدل وتحرّاه ،ويبشّره بالنصر " ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليّه سلطنا فلا يسرف في القتل إنّه كان منصورا " 
 وعلى السلطان أن يبدأ بإنصاف المظلومين من طرف مقرّبيه تأسّيا بنبيّنا صلّى الله عليه وسلّم بالبدء بوضع ربا عمّه العبّاس بن عبد المطّلب. 

٣ - الآثار 
للمظالم آثار ومخلّفات تلقي بظلالها القاتمة على حياة الناس ، فتحوّلها إلى قنبلة  نارية يمكن أن تنفجر في كلّ آن ، فتقضي - لا أذن الله - على الأخضر واليابس.  

وللإسلام طريقتان للتعامل مع آثار المظالم :
١ - طريقة الإحسان والفضل 
وهي طريقة رواحل المجتمع ونُخَبَه، وتتمثّل بمحو تلك الآثار بروح التعالي والتسامي وإزالتها بمطهّر  التسامح والتناصح،  وشعار هؤلاء الرواحل والنُّخَبِ  " لا تثريب عليكم اليوم " " اذهبوا فأنتم الطلقاء "   

٢ - طريقة العدل 
الإسلام دين واقعي؛ فقد علم الله أنّ من البشر من لا تسمح نفسه بالعفو عن حقّه " وأحضرت الأنفس الشحّ " فشرع للمظلوم التظلّم؛ ليتوصّل إلى حقّه .

وللتغلّب على آثار المظالم وفق طريقة العدل ينصح بالوصفة التالية :
١ - الإقرار بالمشكل.
٢ -  التمييز الإيجابي ، ولتأصيله يرجع إلى تدوينة لي سابقة.
٣ -  مراعاة سنّة التدرّج .
من سنّة الله أنّ الظواهر السلبيّة الراسخة في المجتمعات لا يمكن القضاء عليها بين عشيّة وضحاها، فعلى الساعي لاقتلاعها أن يكون طويل النفس.
٤ -  سنّ القوانين الرادعة .
٥ - نشر الوعي بمخاطر هذه الآثار 
٦ - إقامة حوارات بين مثقّفي البلد حولها
٧ -  الدفاع عن أصحاب المعاناة وفق ما تمليه المصلحة ، ويسمح به الشرع.
٨ -  الابتعاد عن إدخال الأجنبي في المشكل حسب الإمكان. 
٩ - تخفيف لهجة التظلّم 
١٠ - التقويم الدوري لما يقام به من حلول .

تلك - حسب وجهة نظري - مساهمة في تصوّر حلّ دائم، مرجعه الإسلام الذي منّ الله بها علينا،  والحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنّا لنهتدي لولا أن هدانا الله.

شارك المادة