العقوبات الشرعية هي العقوبات الرادعة
(1)
بقلم / محمد الأمين بن الشيخ بن مزيد
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين ورضي الله عن الصحابة والتابعين وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين
أما بعد
فقد جمع الإسلام في محاربة الجريمة بين الوقاية والعلاج فبدأ بتزكية النفس وتطهير الوجدان وتقوية الإيمان (قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها ) " لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ، ولا يشرب الخمر حين يشرب وهو مؤمن ولا يسرق حين يسرق وهو مؤمن ، ولا ينتهب نهبة يرفع الناس إليه فيها أبصارهم حين ينتهبها وهو مؤمن . " متفق عليه .
وفرض على الأسرة واجب وقاية الأهل من النار وذلك يتضمن القيام بواجب التربية (يا أيها الذين ءامنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا ) وفرض على المجتمع القيام بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون )
ثم جاء الأسلوب العلاجي فشرع الإسلام العقوبات الرادعة على الجرائم وهي عقوبات لا تفرق بين الحاكم والمحكوم ولا بين الشريف والضعبف " إِنَّمَا أَهْلَكَ الَّذِينَ قَبْلَكُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ فِيهِمْ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمْ الضَّعِيفُ أَقَامُوا عَلَيْهِ الْحَدَّ وَايْمُ اللَّهِ لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا " متفق عليه
ونذكر هنا قصة المصري الذي اشتكى إلى عمر بن الخطاب من ابن عمرو بن العاص الذي ضربه وقال خذها وأنا ابنُ الأكرمين فاستدعاه من مصر واستدعى معه أباه عمرَو بن العاص رضي الله عنه فلما وصل دعا المصريَّ وقال له :
دونك الدرةَ فاضرب بها ابن الأكرمين ، فضربه حتى أثخنه – قال الراوي ونحن نشتهي أن يضربه - فلم ينزع حتى أحببـْــــنا أن ينزع من كثرة ما ضربه ، وعمر يقول اضرب ابن الأكرمين ثم قال : أَجِلْــــها على صلعة عمر و ، فو الله ما ضربك إلا بفضل سلطانه قال :
يا أمير المومنين قد استوفيتُ واشتفيتُ ، وقد ضربت من ضربني ...ثم قال عمر : ياعمرو متى استعبدنم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا ؟ ذكره ابن الجوزي في تاريخ عمر رضي الله عنه
أما القوانين المعاصرة فتميز بين الناس حتى إن هناك الآلاف مستثنون من تطبيق القانون بالحصانة التي تحميهم من المعاقبة على جرائمهم .
لقد نجح الإسلام في محاربة الجريمة وأخفقت القوانين الوضعية في ذلك
روى البخاري عن عدي بن حاتم قال
: بينا أنا عند النبي صلى الله عليه و سلم إذ أتاه رجل فشكا إليه الفاقة ثم أتاه آخر فشكا قطع السبيل فقال ( يا عدي هل رأيت الحيرة ) . قلت لم أرها وقد أنبئت عليها قال ( فإن طالت بك الحياة لترين الظعينة ترتحل من الحيرة حتى تطوف بالكعبة لا تخاف أحدا إلا الله - قلت فيما بيني وبين نفسي فأين دعار طيء الذين قد سعروا في البلاد قال عدي فرأيت الظعينة ترتحل من الحيرة حتى تطوف بالكعبة لا تخاف إلا الله
مشهد رهيب
قال الله تعالى؛ (( هُنَالِكَ تَبْلُو كُلُّ نَفْسٍ مَا أَسْلَفَتْ وَرُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ )) عند المولى الحق لا يغني إلا الحق . اللهم سلم سلم.