الحمد لله
لا يكثر في بلادي الالتزام الصارم بالوقت المحدد في المواعيد ، فلا يكاد عمل يبدأ في الوقت المحدد له ، لا فرق في ذلك بين الأعمال الرسمية العامة والأعمال الخاصة ، كأن الوفاء بالعهد فضيلة لافريضة ، وتطوع لا واجب .
وكثير من المسلمين يعرفون أن إخلاف الوعد من علامات النفاق ، فإذا انضم إلى ذلك الكذب في الحديث ، وخيانة الأمانة ، اكتملت علامات النفاق . وكثير من المسلمين يعرفون أهمية الوقت ، وأن تضييعه تضييع للعمر (وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا).ومع ذلك فلا يعني ذلك بالضرورة المحافظة على الوقت
حتى قضاء الدين في الوقت المحدد كأنه عند كثير من الناس تبرع من المدين للدائن. والنبي صلى الله عليه وسلم يقول : " إنما جزاء السلف الحمد والأداء ."
. "
حتى رد عارية الكتب في الوقت المحدد واجب لا يكثر في الناس
ومحمد مولود آد يقول :
من الغلول وهو الخيانه حبس المُعار جائزا أزمانه
والعجيب أن ما يسميه الناس (تدينا ) و (التزاما) لا يعني بالضرورة الوفاء بالوعد !!
تلك مقدمة أما نماذج الوفاء فأقدم منها ما يلي :
1. استأجر رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر عبد الله بن الأريقط الديلي دليلا في رحلة الهجرة وهو على دين كفار قريش ، ووعداه غار ثور بعد ثلاث ليال فأتاهما براحلتيهما صبيحة ليال ثلاث فارتحلا . فإذا تذكرتَ قوة الطلب والبحث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدَّرتَ هذا الوفاء والالتزام الصارم بالعهد .
2. روى مسلم في صحيحه عن حذيفة بن اليمان قال ما منعنى أن أشهد بدرا إلا أنى خرجت أنا وأبى حسيل قال فأخذَنا كفار قريش قالوا إنكم تريدون محمدا فقلنا ما نريده ما نريد إلا المدينة. فأخذوا منا عهدَ الله وميثاقه لننصرفَنَّ إلى المدينة ولا نقاتل معه فأتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرناه الخبر فقال « انصرفا نفى لهم بعهدهم ونستعين الله عليهم ». وهذا وفاء بالعهد لعدو محارب يريد القضاء على الإسلام والمسلمين .
3. في تاريخ الطبري (4/248)وفتوح البلدان للبلاذري (ص 278)
أراد حبيب بن مسلمة الفهري أن يبيت الموريان حاكم إرمينية ، فسمعتْه امرأتُه أم عبد الله بنت يزيد الكلبية فقالت له : وأين موعدُك ؟ فقال سرادق الطاغية أو الجنة ، ثم بيَّتهم فقتل من أشرف له ، وأتى السرادق فوجد امرأته قد سبقت !! وهذا وفاء بموعد في خط النار الأول
4. في تهذيب التهذيب ( 5/387)
حكى الحسن بن عرفة أن عبد الله بن المبارك استعار قلما من رجل بالشام ، وحمله إلى خراسان ناسيا فلما وجده معه بها ، رجع إلى الشام حتى أعطاه لصاحبه .!!
5. أما خالي النام ولد محمد سالم ولد ابن رحمه الله تعالى فقد كان وفيا لا يخلف وعدا قال لي ذات مرة إذا وعدتك أن آتيَك ولم آتك فتَــــرَحَّمْ عليَّ . رحمه الله تعالى .
