آن لمن رزقهم الله بسطة في المال أن يتسابقوا إلى سدّ الثغور, وتخفيف المعاناة, وأن ينفقوا ممّا خوّلهم الله إيّاه من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلّة .
إنّ الإنفاق زمن الضرّاء ليس كالإنفاق بعده وإن كان في كلّ خير, وإنّ إقراض الله بالإنفاق في وجوه البرّ سبب مضاعفة الأجر : " لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (10) مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ (11) " الحديد
إنّ لكم إخوانا فقراء , ويتامى لا معيل لهم, وأرامل يكدحن لكسب قوتهنّ, وقوت من يَعُلْنَ, وطلّاب علم غرباء انقطعت بهم السبل, فتسابقوا رحمكم الله إلى تنفيس كربهم, وانتظروا من الكريم الرحيم أن ينفّس عنكم من كرب يوم القيامة, فقد قال صلّى الله عليه وسلّم : " من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة "
واعلموا أنّ من بين هؤلاء من يصدق فيهم قول ربّنا عزّ وجلّ: "يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَيهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا " البقرة
وتذكّروا قوله صلّى الله عليه وسلّم : " «مَا مِنْ يَوْمٍ يُصْبِحُ العِبَادُ فِيهِ إلاَّ مَلَكانِ يَنْزلاَنِ، فَيقُولُ أحَدُهُمَا: اللَّهُمَّ أعْطِ مُنْفقًا خَلَفًا، وَيَقُولُ الآخَرُ: اللَّهُمَّ أعْطِ مُمْسِكًا تلَفًا». مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.
اللهمّ اجعلنا مفاتيح للخير, مغاليق للشر, مباركين أينما كنّا.
مشهد رهيب
قال الله تعالى؛ (( هُنَالِكَ تَبْلُو كُلُّ نَفْسٍ مَا أَسْلَفَتْ وَرُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ )) عند المولى الحق لا يغني إلا الحق . اللهم سلم سلم.