مقدمة: وميض النقد
تتوزع تصرفات الدعوة الإسلامية في سياسات ثلاث:
1- سياسة خارجية : تحدد طبيعة العلاقة مع الحكومات والأحزاب والجماعات الأخرى.
2- سياسة داخلية: تقرر شكل التنظيم وتقرر شروط العضوية والتأمير وحقوق وواجبات الدعاة.
3- سياسة تربوية: تختار تعليم الدعاة وإكسابهم الصفات الإيمانية وتهذيب الأخلاق والثقافات.
والمفروض أن تتم توعية الدعاة في هذه السياسات الثلاث كلها
إن تخطيطنا يجب أن يتمثل في الاقتران الكامل بين التربية الإيمانية الأخلاقية والتوغل السياسي، فينبغي أن تظل التربية مواكبة للانفتاح العملي والصراع السياسي ، فالجهود التربوية تضمن سلامة العمل وبعده عن الانحراف ، فكأنما التدريبات العملية وانتصاب القدوات تعتبر مهمة ، فإن العيش في المساجد وتلاوة القرآن الكريم ومجالس الحديث ومطالعة كتب التذكير وسماع الوعظ تماثلها في الأهمية، وتعين على دوام تأثيرها.
إن خططنا ليست ككل الخطط فعملنا يستمد قابلية تأثيره من ميزات ثلاث:
الميزة الأولى: قدرة الصلاح الحاسمة: يحب أن لا نعتمد في انتظار النصر على حجم حشدنا وقوتنا، بل على مقدار الصلاح الذي نحوزه ، فكلما شاعت الأخلاق الإيمانية الفاضلة وازدادت نسبة صفاء القلب وكثر الاستغفار وتوالت التوبة ، كانت خطتنا أقرب إلى النصر، وهذا المعنى متواتر عن السلف، فعمر بن الخطاب رضي الله عنه يوصي جنده بالتوبة قبل النزال، وكان أبو الدرداء يقول: " أيها الناس عمل صالح قبل الغزو فإنما تقاتلون بأعمالكم" ، وكان الفضيل بن عياض يقول للمجاهدين إذا أرادوا الخروج : "عليكم بالتوبة فإنها ترد عنكم ما لا ترده السيوف"
الميزة الثانية: انعكاس الاختيار الذاتي: إننا معشر الدعاة نستطيع توجيه غيرنا متى نجحنا في توجيه أنفسنا ، وكان عبد الله بن وهب يكثر قول: "إنما يحسن الاختيار لغيره من يحسن الاخيتار لنفسه" ، إن جمهورنا سيبني أفكاره وشخصيته ويحدد أنماط سلوكه مقلدا لنا ومحاكيا ، وسيفهم دعوتنا إذا فهمناها قبله
الميزة الثالثة: حركة أصداء الورع: إذا لزم الداعية نفسه بالورع كانت لورعه أصداء ، يوضح ذلك الزاهد يحي بن معاذ من أنك: "على قدر شغلك بالله يشتغل في أمورك الخلق"، فتوفيق الله لنا في عملنا التجميعي شرط بإقبالنا عليه ، وما أزمة صدود الناس عنا إلا من نتائج أزمة قلة اهتمامنا بما أوجب الله علينا ، فمن أقبل على الله تعالى أقبل بقلوب العباد عليه
إن للتقوى آثار تشغيل ، وبمقدار جديتنا يكون الناس جديين
إن هذه الميزات الثلاث تقترن بطابع مهم يطبع التخطيط الاسلامي، يمكن أن يسمى كفاية تعبير الحقيقة ، فكأنما الفرد إذا امتلأ سكت ونطق عنه حاله، فكذلك جماعة المؤمنين إذا اتصفت بما تدعو إليه وأحكمت صفوفها ووفرت أسباب القوة أغنتها هذه الحقائق عن الدعوى والمقال ، وكان فعلها معينا لها عن الوصف والتهديد ، إنما يطيل اللسان ويذكر الامنيات من لا يملك الشيء ، وأما من يملك فإن ملكه يفصح عنه ، والناس تشعر بالقوة الحقيقية تلقائيا ويأسرها النظر وتتبع الأثر.ٍ